والإمام أبو الفتح الديلمي الناصر بن الحسين بن محمد بن عيسى بن محمد بن عبدالله بن أحمد بن عبدالله بن علي بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام.
قيامه: في الديلم سنة ثلاثين وأربعمائة، وكان من أعلام الأئمة.
وله: البرهان في تفسير القرآن أربعة أجزاء جمع أنواع العلوم، والرسالة المبهجة في الرد على الفرقة الضالة المتلجلجة – أراد المطرفية -.
قال الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة عليه السلام: له التصانيف الواسعة، والعلوم الرائعة، منها: كتاب البرهان في علوم القرآن الذي جمع المحاسن والظرائف، واعترف ببراعة علم مصنفه المخالف والموالف، وله الرد العجيب على الفرقة المرتدة الطبيعية الغوية (المسماة بالمطرفية المسمى بالرسالة المبهجة في الرد على الفرقة الضالة المتلجلجة..إلى قوله:)
ودعا إلى الله سبحانه في الديلم، ثم خرج إلى أرض اليمن، فاستولى على أكثر بلاد مذحج وهمدان وخولان، وانقادت له العرب، وحارب الجنود الظالمة من المتمردة والقرامطة.
وكان له من الفضل والمعرفة ما لم يكن لأحد من أهل عصره، ولم يزل قائما بأمر الله سبحانه وتعالى حتى أتاه اليقين، وقد فاز بفضل الأئمة السابقين، توفي عليه السلام شهيدا سنة نيف وأربعين أو خمسين وأربعمائة بردمان بأرض مذحج، انتهى.
استشهد الإمام في الوقعة المشهورة بينه وبين علي بن محمد الصليحي قائد الباطنية، وداعيتهم، واستشهد مع الإمام نيف وسبعون سلام الله ورضوانه عليهم، ويسمى موضع الوقعة هذه نجد الجاح من بلد رداع بعنس مذحج مخلاف خولان.
وقد قتل أيام علي بن محمد الصليحي هذا سنة (459هـ) الأمير الشهيد حمزة بن أبي هاشم المتقدم في ذكر والده كما هي القاعدة، وقد عجل الله سبحانه انتقام الصليحي آخر تلك السنة فقتله سعيد الأحول شر قتلة، قال الشاعر العثماني في ذلك مخاطبا لسعيد بن نجاح – ورأس الصليحي بين يديه -:

يا سيف دولة دين آل محمد …. لا سيف دولة خيبر ويهودها
وافيت يوم السبت تقدم فتية …. تلقى الردى بنحورها وخدودها
ومنها:
صبرا فلم يك غير جولة مردود …. حتى انطفت جمرات ذات وقودها
ورأيت أعداء الشريعة شرعا …. صرعى وفوق الرمح رأس عميدها
أوردتها لهب الردى وصدرت في …. ظلي مظلتها وخفق بنودها
يا غزوة لعلي بن محمد …. ما كان أشأم من صدى غريدها
بكرت مظلته عليه فلم ترح …. إلا على الملك الأجل سعيدها
ما كان أقبح شخصه في ظلها …. ما كان أحسن رأسه في عودها
سود الأراقم قاتلت أسد الشرى …. يا رحمتا لأسودها من سودها
وأراد ملك الأرض قاطبة فلم …. يظفر بغير الباع من ملحودها
أضحى على خلاقها متعظما …. جهلا فألصق خده بصعيدها
وقد أشار بهذا البيت إلى ما جرى من أنه لما برز من قصره في سفره هذا صعد شاعره على موضع مرتفع، فقال:

إن عليا والإله اقتسما …. فاستويا القسمة ثم استهما
فلعلي الأرض والله السماء
ذكر هذا في مطلع البدور، وذكر في تاريخ عمارة أنه توجه بألفي فارس منهم مائة وستون من آل الصليحي، والملوك والسلاطين الذين أزال سلطانهم، وكانوا كما يقول الهمداني خمسين ملكا وسلطانا وبين يديه خمسمائة فرس مطهمة بالسروج المحلى بالذهب والفضة، وخمسون هجينا وغير ذلك من الزينة والآلات مما لا يدخل تحت الحصر.

هذا، ولم يكن الخلاف بينهم إلا أن أئمة العترة عليهم السلام دعوا إلى التوحيد والعدل، وإقامة الكتاب والسنة، وإصلاح العباد والبلاد، والمعارضون لهم دعوا إلى الإلحاد، وإفساد البلاد والعباد، ولم يكن المجاهدون مع أهل البيت إلا ذووا الإيمان من أهل اليمن خاصة، أنصار الرسول ووصيه أمير المؤمنين عليهم الصلاة والسلام، لم يستنصروا عليهم بغيرهم، ولم يدخلوا إلى اليمن أي دخيل، بل لا يقوم الإمام منهم إلا بعد أن يجمع عليه أهل الحل والعقد منهم، ويلزموه الحجة، فيقوم لإنقاذ الأمة، لا يستأثر عليهم بمثقال الذرة، فيخرج من الخلافة كما دخلها، ويتركهم يختارون لأمرهم ودينهم من يرتضون، هكذا سيرتهم النبوية، وطريقتهم العلوية، إلى زمن يسير من أيام المتأخرين، فسد فيه الراعي والرعية، وهي لا تلبث أن تتغير بمن الله تعالى، فالإيمان يمان كما قال الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، وقد أعرضنا عن ذكر من وقعت منهم بعض المخالفة، فالكتاب مخصوص بأئمة الهدى، ليس كسائر كتب السير كما أشرنا إلى ذلك سابقا.
هذا، ومن ذرية الإمام الديلمي: المتوكل على الله الداعي أيام الإمام يحيى بن حمزة، وهو أحمد بن علي بن مدافع بن محمد بن عبدالله بن محمد بن الحسين بن الإمام عليه السلام، المتوفى سنة سبعمائة وخمسين، مشهده برغافة.
وآل الديلمي باليمن نسبة إلى الإمام أبي الفتح، ومن أعلامهم في العصر الأخير: السيد زيد بن علي بن الحسن بن عبد الوهاب بن الحسين بن حسين بن إبراهيم بن يحيى بن علي الناصر الديلمي المتوفى بصنعاء سنة (1366هـ). انتهى نيل الحسنيين ص153

الإعلان