الإمام الناطق بالحق أبو طالب يحيى بن الحسين.
قام عليه السلام بعد وفاة أخيه الإمام المؤيد بالله.
قال الحاكم في وصف بعض مؤلفاته: وعليه مسحة من النور الإلهي، وجذوة من الكلام النبوي.
وقال بعض شيعته لما بويع:
سر النبوة والنبيا…. وزها الوصية والوصيا
أن الديالم بايعت …. يحيى بن هارون الرضيا
من مؤلفاته: المجزي في أصول الفقه مجلدان، وهو من الأمهات، وكتاب جامع الأدلة في أصول الفقه أيضا، وكتاب التحرير، وشرحه اثنا عشر مجلدا، وكتاب مبادئ الأدلة في الكلام، وكتاب الدعامة، وكتاب الإفادة في تاريخ الأئمة السادة، والأمالي المعروفة في الحديث، وله غير ذلك.
قال الإمام أبو طالب في كتابه شرح كتاب البالغ المدرك – للإمام الأعظم الهادي إلى الحق الأقوم يحيى بن الحسين عليه السلام في (شرح قول الإمام الهادي): (يجب على البالغ المدرك) بعد أن بين معاني الوجوب في اللغة -: والمعنى: أوجب الله على البالغ، قال: ودخل الألف واللام لاستغراق الجنس، ثم قسم ما ورد في العربية إلى الخبر والإنشاء.
ثم قال: والخبر كل جملة يصح فيها الصدق والكذب، ثم بين أقسامهما ومعانيهما، وقال: في شرح قوله: (وظهر المرصدون) يعني من كان يرصد قيام أهل الباطل من العلماء الذين مالوا إلى دنياهم..إلى قوله: وغنموا الفرصة، فجعلوا لهم مذاهب.
قال الإمام الهادي عليه السلام: (فمن هذه الأخبار ما هو في أصله منسوخ، ومنها ما هو في مخرجه عام، وفي معناه مخصوص).
..إلى أن قال: (ومنها ما روي مرسلا بلا حجة ولا بيان لمتدبريه، ومنها ما دلس على الرواة في كتبهم).
قال الإمام أبو طالب – بعد أن شرح كلام الإمام -: وأما المرسل بغير حجة فهو ما ذكره أصحاب الحديث في كتبهم، وانتخبوا من الأحاديث فيما قد كتبوه في الكتابين، وسموهما الصحيحين: صحيح البخاري، وهو محمد بن إسماعيل الجعفي البخاري، وصحيح أبي الحسين مسلم بن الحجاج القشيري.
قلت: ولم يقصد بالمرسل المصطلح عليه عند أهل الحديث، وإنما قصد ما لم يثبت بالحجة كما ذكره عليه السلام.
ثم ساق الكلام في شرح ذلك إلى أن قال: ولقد علمنا في زماننا ورأينا، ونقل غير واحد إلينا من الشافعية والحنفية من التنقير في الفروع، والإمعان في الاستدلالات فيها، والتشديد في ذلك..إلى أن قال: قالوا فيمن اشترى عشرين بيضة فوجد فيها بيضة مذرة قولا بسيطا، وقالوا فيمن اشترى شاة مصراة، فأوردوا فيها مسائل ما ملأ الأوراق، وتجاوز حد الإسهاب والإغراق، فإذا جاءوا إلى مسائل الأصول، وذكروا أدلتها وبيان ما بينه الله على عظمته..إلى أن قال: وجدتهم خرسا لا ينطقون إلا همسا.
وروى الإمام أبو طالب أخبارا من طرق القوم، ثم قال: واعلم أنه دعانا إلى ذكر هذه الأخبار بنقل العامة – وإن كان قد نقلها عندنا من نثق به من أئمتنا عليهم السلام إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ومشائخ أهل العدل والتوحيد – إنكار فقهائهم (حجج العقول، والرجوع إليها في متشابه القرآن والأخبار).
وقال الهادي في الفترة: (وفيها كتبه وحججه، وبقايا من أهل العلم)، فقال الإمام أبو طالب في الشرح: هم أهل الشريعة من فقهاء الأمة، وخلفاء الأئمة، وجلاء الظلمة.
إلى أن قال في الحث على العلم: ولا سيما اللغة العربية فإنها أولى بالمعرفة، لما يتعلق بمعرفتها من الأسماء والمعاني، وفصل الخطاب في الجاهلية والإسلام، وجميع الأحكام والفرائض والسنن والتقديم والتأخير، والإطناب والإسهاب، والحقائق والموجز في الخبر والاستخبار، والأمر والنهي، والخطب والبلاغات.
حتى قال: والأمثال والدعاء والسؤال، والتمني والجدال، والإشارات والحكايات، وغير ذلك من العلوم.
ثم أورد كلام الوصي صلوات الله عليه: العلماء باقون ما بقي الدهر، أعيانهم مفقودة، وأمثالهم في القلوب موجودة..إلخ.
وقبضه الله سنة أربع وعشرين وأربعمائة، عن نيف وثمانين سنة.
له من الولد: أبو هاشم محمد ولا عقب له.